الشعب الفلسطيني يستحق اعتذاراً ، ليس من الانقلابيين بل من حركة فتح
ثورة غزة .. انتداب جديد من الشعب للشرعية
الانقلابيين فشلت في استقطاب الجماهير ، لقد واتتها الفرصة وقد ضيعتها - من الذي يأسف على ذلك؟
عندما فازت الانقلابيين في انتخابات المجلس التشريعي حددت موقفي الفردي كمواطن بأنني أتقبل حكم الانقلابيين إذا لم تتعدى على أمرين ، الأول أن تنقلب على الديمقراطية وفق فهم عباسي مدني عندما فازت الجبهة الإسلامية في الجزائر في انتخابات 1992 عندما قال "اليوم عرس الديمقراطية واليوم مأتمها" مشيراً إلى أن الانتخابات التعددية لن تمضي أبعد من فوز الجبهة واستلامها للسلطة.
أما الأمر الثاني فهو التدخل في خصوصيات الناس وفق الفتاوى الشرعية لا وفق القانون ، عندما تصبح حريتي الفردية وحرية عائلتي المكفولة في مشاريع القوانين الفلسطينية رهناً بتفسيرات وفتاوى شيوخ الانقلابيين المبتدئين.
لكنني أيضاً آمنت بأن هذين المحظورين لا بد أن تسقط في فخهما حركة الانقلابيين ، كون الأيدولجيا في المجتمع مثل الجينات في الكائن الحي ، تحكمان تصرفه بطريقة ليس منها فكاك ، الانقلابيين محكومة بأيديولوجيتها ، كما أن الذئب محكوم بجيناته ، فهي لا تستطيع إلا أن تفعل ما يقرره الأكثر تطرفاً من شيوخ الإفتاء ، أما الأكثر اتزاناً فلهم مصير واحد ، إما أن يُكفَّروا أو أن يزاحوا جانباً.
تظاهرة غزة هي نوع من التمرد المبكر على هذا النهج الآخذ بالترسخ ، إنها تعبير عن الحنين إلى عصر لم يخل من الخلل ، لكنه خلا من الإستبداد وأفسح هامشاً أمام الناس للتداول بحرية ، عصر ربما تكون قد انتهكت به بعض الجيوب لكنه عصر كرس حرمة الدم وحرمة الحرية الفردية وحرمة سلامة الأعضاء البشرية.
وبهذا المعنى تظاهرة غزة هي نوع من الانتداب الجديد تمنحه حركة الانقلابيين للشرعية الفلسطينية ، وهي كذلك نوع من الغفران يمنحه الشعب لحركة فتح - هذه فرصة جديدة فهل تغتنمها فتح؟.
وفي الواقع فإن الشعب الفلسطيني يستحق اعتذاراً ، ليس من الانقلابيين بل من حركة فتح ، لو كان الأمر بيدي وعينت ناطقاً باسم فتح لما ترددت في استدعاء كاميرات التلفزيون للاعتذار الكامل والكبير أمام هذا الشعب عن كل خطأ ارتكبته فتح قصداً أم عن غير قصد في حق الأفراد والمجتمع ، الإعتذار يشمل كذلك تقصير حركة فتح الذي أدى في أن يصل الحال إلى ما وصل إليه ، والاعتذار يشمل في طياته التعهد بتدارك الأخطاء والالتزام الصارم بمعايير الأخلاق السلطوية والشفافية والانضباط.
تظاهرة غزة هي نوع من الغفران من الشعب لحركة فتح ، وهي تجديد للبيعة ، فلا نضيعن الفرصة