غياب الدستور في ليبيا هل يشكل تهديدا؟
الجدل يعود إلى الشارع الليبي بشأن الدستور بعد مضي 38 عاما على الثورة
خالد المهير-بنغازيعاد الجدل من جديد حول غياب الدستور في ليبيا إلى واجهة النقاشات، بعد تزايد مخاوف الشارع من حدوث طارئ في القيادة السياسية، وما يتردد عن لجنة دستورية تضم نخبة من المهتمين من مختلف التيارات الثقافية والفكرية والسياسية تعكف على وضع دستور ينظم البلاد، وربما انتقال السلطة من القذافي الأب إلى القذافي الابن.
في هذا الصدد يرى المحلل السياسي أستاذ العلوم السياسية بجامعة قاريونس فتحي البعجة أن نواتج غياب الدستور تكمن في زيادة الاحتقان في الشارع الليبي، ومناخ الفوضى الإدارية والتنظيمية السائدة، إلى جانب عزوف المواطن عن المشاركة السياسية، وسيطرة الإعلام الأحادي، إضافة إلى مصادرة الحريات.
فتحي البعجة
ويرى البعجة في حديث للجزيرة نت أن غياب الدستور وما يصاحبه من غياب مؤسسات المجتمع المدني أحدث فراغا سياسيا كبيرا، وسينجم عنه حالة من الفوضى والاضطراب في حالة حدوث أي طارئ أو تغيير مفاجئ.
ويذهب عاشور الشامس مدير موقع "أخبار ليبيا" ذي التوجهات المعارضة، الذي يبث من لندن في حديث مع الجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني بعيدا بقوله "من الصعب أن يتصور المرء أن بلدا بهذه الثروة الإستراتيجية وهذا الثراء أن يتركها العقيد القذافي ومن حوله تتقاذفها أمواج الغموض في غيابه".
ويقول الشامس إن القذافي لم يحكم ليبيا قرابة أربعة عقود لمجرد أن تذهب أدراج الرياح في لحظات وتنتهي بنهايته.
ويتابع أن "عملية نقل السلطة بسلاسة إلى شخص آخر أو هيئة تختار هذا الشخص -والذي يجب أن تكون له القدرة للسيطرة على الأمور بسهولة ويسر- أمر في غاية الخطورة والحساسية، ومن غير المنطقي القبول بأن العقيد القذافي ومن حوله لم يفكروا في هذا السيناريو، أو لم يضعوا له حساباته وترتيباته، في حالة غياب أي ترتيبات فإن البلد معرض لمواجهة كارثة سياسية، وربما أبعد من سياسية".
لا حاجة للدستور
فرج نجم
لكن الباحث التاريخي فرج نجم لا يعتقد أن المواطن الليبي الذي يعاني بشدة من الحاجة وفاقة العوز في حاجة إلى دستور.
ويتساءل نجم في حديث مع الجزيرة نت بقوله" كانت لنا تجربة دستورية فريدة عام 1951 برعاية الأمم المتحدة، ولكن ماذا حدث؟ لقد تجاوز ساستنا الدستور إبان المملكة، وعطله الثوار في 1969، ولا أرى حاجة إلى كتابة دستور، أعرق وأقدم ديمقراطية في العالم (بريطانيا) ليس لها دستور مكتوب".
تهديد
ويؤكد الناشط السياسي جابر العبيدي للجزيرة نت أن غياب الدستور يشكل تهديدا للمجتمع، وأن مستقبل البلاد سوف يصبح بلا ملامح، مشيرا إلى أن الدستور يحتاجه الحاكم قبل المحكوم، لأنه يشكل ضمانة انتقال سلس للسلطة، وبدلا من أن نتحدث على المنابر عن خطوط حمراء تصبح مواد الدستور ونصوصه خطوطا للجميع.
ولا يتوقع الكاتب أحمد الفيتوري في تصريح للجزيرة نت صدور دستور، ولكن حسب تعبيره باعتباره من الموضوعات التي على الطاولة لن يكون دستورا في ليبيا، بل استمرارا في الحديث عنه.
ولا يشك الكاتب المستقل عيسى عبد القيوم في حديث مع الجزيرة نت من لندن عبر البريد الإلكتروني من أن غياب الدستور -كوثيقة توافقية- لا زال يشكل أحد أهم نواقص الحالة الليبية.
عيسى عبدالقيوم
وأضاف "لعل من أبرز مظاهر غيابه وقوف النشاط الليبي السياسي الدائم أمام إشكالية التفسير الشفوي للأوامر والنواهي السياسية.. فلا تكاد تعرف الفاصل بين ما هو مسموح به وما هو غير مسموح به، لتضارب التصريحات الشفوية بين صناع القرار في ليبيا".
وطبقا لعبد القيوم أسهم غياب وثيقة دستورية تشكل المرجعية العليا "في استمرار تهيّب النخبة الليبية في ولوج باب الكثير من القضايا الحساسة .. لشعورهم بأنهم غير محميين قانونيا..، ما جعلهم يحجمون عن الغوص في أعماق بعض الأزمات ويكتفون بالتعريض أو الإشارات العابرة